تبدو خارطة العلاقات والمصالح الاقتصاديه غائبه
بعض الشي عن الرأي العام الذي عبأ من قبل وسائل الاعلام المختلفه بأفكار ومعلومات
وتحليلات سياسيه تختلف كثيرا عن واقع الحاال.
فالازمات التي تضرب معظم بلدان الشرق الاوسط
أنما تقوم على مبدأ تضارب المصالح الاقتصاديه قبل كل شى وهذا المبدء ظهر بفعل
عملية التغطيه الممنهجه التي تقوم بها الدول المتصارعه في الاقليم أو تلك التي
تبدو بعيده عن الافليم ومن يبحث عن جذور هذه الازمات لابد ان يصطدم بالحقيقه
الغائبه ’فالدول الاقليميه تريد الوصول الى الاهداف السياسيه ولاقتصاديه باسرع
مايمكن وهي لاتدخر جهدا في تغطية مراميها تحت عباءة حقوق الانسان والحريه او
مكافحة الارهاب المخطط له..وما الى ذلك من مصطلحات أصبحت في وقتنا الراهن متداوله
كثير في اروقة الاسره الدوليه ويلعب النفط والغاز باعتباره المصدر الرئيسي للاقتصاد
لاغلب الدول الاقليميه دورا مؤثرا في واقع الصراع القائم في المنطقه.
وهنالك ثمة ازمه بين الاجنحه المختلفه على صعيد
المنطقه الاقليميه والتي تجد من يتجاوب معها على الصعيد الدولي واهم مرتكزات
الصراع قد بدأت منذ الحرب العراقيه الايرانيه التي انهكت البلدين من الناحيه
البشريه ولاقتصاديه واشاعت الفكر الطائقي(المراد منه ان يكون سياسيا من اجل
الاستحواذ على السلطه) وكذلك أحتلال دولة الكويت من قبل قوات النظام السابق
وخروجهم من قبل قوات التحالف الدولي يخسائر كبيره اسقطت العراق من تأثيره السياسي
والنفطي في المنطقه والساحه الدوليه وانتقل مركز الثقل في تزويد اوربا والدول
الاخرى من البترول والغاز الى دول الخليج وبذلك تم تعويض حصت العراق وغيابه عن
الساحه الانتاجيه للنفط .
وظهر خلال الاعوام القليله الماضيه تراجع دور
ايران النفطي بعد صدور العقوبات المتتاليه ضدها من قبل الولايات المتحده الامريكيه
واغلب الدول الاوربيه وفجأة انتقل مركز الصراع الى تسويق الغاز الطبيعي الذي كانت
روسيا هي المزود الاساسي له الى الدول الاوربيه عبر تركيا ولكن الابرز هو مااثير
من تداعيات تتعلق بالغاز القطري حيث أصبحت قطر وبشكل سريع في مقدمة المزودين لهذا
النوع من المحروقات لاوربا وقد اشتد الصراع بين الدول المنتجه للنفط والغاز يشكل
كبير بعد ان خرجت ليبيا من المعادله واصبح المنتجون المتميزون هم روسيا والمملكه
العربيه السعوديه وقطر وكما ذكر تراجع تاثير العراق وايران وتداعياتهما في حين
اختفت ليبيا عن قطاع الانتاج والتصدير الا ان هذه الدول التي اختفت قليلا في الوقت
الحاضر تعرف جيدا بانها قد تستطيع استغلال فرصة القضاء على اشاعة الفوضى التي
تكبلها لانهاء دور الدول الفلكية الانتاج او متوسطته واحداث طفره في انتاجها
وتهميش دور تركيا التي تعتبر من اهم الدول المسوقة للانتاج النفطي كونه يمر عبر
اراضيها ومن هذا المنطلق بدأت الازمه لاتضم دول الانتاج النفطي فحسب وانما تركيا
أيضا ويبدو ان الصراع بين هذه الدول قد تفجر بشكل كبير عندما أثير موضوع مد انابيب
النفط والغاز والسكه الحديد من ايران عبر الاراضي العراقيه وحتى مناطق البحر
الابيض المتوسط عبر سوريا.
هذا المشروع سوف يكبد الدول الخليجيه خسائر
كبيره للغايه ان لم يتم الاتفاق مع الاعداء الشركاء حيث سيصل النفط والغاز
الايراني العراقي والروسي الى دول اوربا المختلفه باسرع وقت واقل التكاليف وهذا
ماجعل الساحه السوريه مفتوحه للنظام ولاتفاق مع ابران حول برنامجها النووي لان
الولايات المتحده واوربا يريدون الاستحواذ على النفط والغاز باقل الاسعار ناهيك عن
الامر الواقع الذي تلعبه روسيا في قوتها الذاتيه التي لاتريد ان تخسرها في كل
معاقل المنطقه اخرها ليبيا وكذلك قوتها في مجلس الامن من عدم اتخاذهم قرارات
لشركائها (الفيتو).
ومن هنا جائوا بتعبئة قوى ظلاميه لاسقاط النظم
السياسيه الدكتاتوريه وادخالها في فوضى خلاقه لافشال مشروع مد الانابيب الا ان
المؤشرات تدور باتجاه اخر حيث ادركت الولايات المتحده ان غريمتها التقليديه ايران
ستخرج من عزلتها بفضل ما سيوفره هكذا مشروع من امكانيات وثروات اقتصاديه كبيره
وتستفيد روسيا من هذا المشروع وبمرور الزمن سوف تحتكر الدول التي لاتدور في الفلك
الامريكي عملية انتاج وتسويق نفطها للخارج وهذا ماتراهن عليه روسيا في الوقت
الحاضر كذلك عملية الامتداد الايراني الذي لايشمل اوربا فقط فهناك مشروع اخر تبنيه
ايران حاليا حيث ستصل انابيب النفط والغاز الى اغلب الدول الاسيويه عبر باكستان
اولا ومن الممكن مد هذه الانابيب الى الهند واندنوسيا اليابان وكوريا الجنوبيه
وبقية البلدان الاسيويه.
ان ازمات الشرق الاوسط التي تبدو كانها ازمات
ذات طابع ديني او عقائدي لاتجد لها الا مكاننا في عقول المتصارعيين من اجل المال
والسلطه نيابتا عن الاخرين وحقيقتها تمثل اختلاف في المصالح الاقتصاديه فمن يستطيع
اسقاط نظم معينه او اسقاط الاخر يستطيع بعد ذلك الوصول الى اسواق العالم.
ولكن هنالك طريقه أسهل بكثير من طريقة تدمير
الدول العزيزه على كل مواطن عربي واسلامي وهي التي تقوم على تعزيز التعاون
الاقتصادي والسياسي ولانفتاح على مبدء المصالح المشتركه والمشاريع التنمويه
البديله وخاصة بين دول الاقليم ان الاقتصاد اما ان يكون مدمرا للنظم السياسيه او
داعما لتوافق المصالح بين هذه الدول ومن يدرك اهمية النعاون والمصلحه المشتركه يصل
الى الاسواق العالميه بوتيره اسرع ويملك قراره السيادي الموجود في باطن الارض.
ترى هل تتمكن موسكو من تقريب وجهات النظر مابين
ايران ودول الخليج العربي ؟