شكل التحالف الذي قادته الولايات المتحدة لطرد القوات العراقية من الكويت عام 1991، بداية نظام عالمي جديد أحادي القطب. وكان نشوء هذا النظام نتيجة طبيعية لانهيار جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفياتي. وفعلاً قيض لاميركا ان تقود العالم بعد ذلك في سلسلة من الحروب في البوسنة ويوغوسلافيا السابقة وصولاً الى أفغانستان والعراق في العقد الاول من القرن الحالي.
وكانت حربا أفغانستان والعراق بمثابة انهاك للقوة الاميركية العسكرية والاقتصادية واتت الأزمة المالية عام 2008 بمثابة تتويج لهذا الانهاك. وفي هذه الفترة كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعيد بناء روسيا وتشكيل حلف أوراسي يكون بديلاً من الاتحاد السوفياتي الذي لا يزال بوتين يعتقد ان انهياره كان "أفدح خطأ جيوسياسي في القرن العشرين". وأقام بوتين في الوقت عينه نموذجاً للديموقراطية على الطريقة الروسية التي ظل الغرب ينظر اليها على انها ديكتاتورية مقنعة واستمرار لحكم الفرد الواحد.
لكن ذلك لم يمنع الولايات المتحدة من التعاون مع روسيا وقبولها شريكاً في منتديات دولية كانت حتى العقد الاخير وقفاً على الغرب. وعلى رغم ذلك بقي عامل الريبة هو المتحكم في نواح عدة من العلاقات الروسية - الغربية، من الدرع الصاروخية الى مسالة الديموقراطية وما يعتبره الغرب تضييقاً على الحريات العامة داخل روسيا من خلال القيود التي وضعها بوتين على عمل منظمات المجتمع المدني التي يستخدمها الغرب عادة لترويج قيمه وديموقراطيته، الى الملاحظات على عمل القضاء الروسي ومدى حياديته في عدد من القضايا. وكان ذلك مدعاة لنجاح التيار اليميني في الولايات المتحدة في حمل الكونغرس والادارة على فرض عقوبات على روسيا التي ردت بالمثل.
ومع استعار الازمة السورية ووقوف بوتين الى جانب الحكومة السورية مما حال دون اسقاط الرئيس بشار الاسد واستمرار الحرب سنة ثالثة وعدم ظهور بارقة امل في حل سياسي ينتهي برحيل الاسد عن السلطة، لم يعد أمام الغرب سوى استخدام كل الاوراق التي يملكها من أجل إضعاف بوتين وانهاكه من خلال نقل المعركة الى حدوده وربما الى داخل روسيا لو تمكنت المعارضة الموالية للغرب في أوكرانيا من حسم الموقف في ليلة 21 شباط الماضي.
أمام التصلب الروسي في سوريا ربما اعتقدت واشنطن وأوروبا ان السبيل للتغيير في سوريا يجب ان يبدأ بالكرملين. وهذا خطا استراتيجي آخر يرتكبه الغرب من شأنه ان يعيد انتاج نظام عالمي جديد لا تبقى فيه أميركا القوة العظمى الوحيدة في العالم وينسف أسس النظام العالمي الذي تأسس على خراب الاتحاد السوفياتي.
أمام التصلب الروسي في سوريا ربما اعتقدت واشنطن وأوروبا ان السبيل للتغيير في سوريا يجب ان يبدأ بالكرملين. وهذا خطا استراتيجي آخر يرتكبه الغرب من شأنه ان يعيد انتاج نظام عالمي جديد لا تبقى فيه أميركا القوة العظمى الوحيدة في العالم وينسف أسس النظام العالمي الذي تأسس على خراب الاتحاد السوفياتي.
سميح صعب
Tayyar